Wednesday, August 21, 2013

قراءة نقدية لرواية إسماعيل فهد إسماعيل في حضرة العنقاء والخل والوفي ٢٠١٣

قراءة نقدية لرواية (( في حضرة العنقاء والخل والوفي ٢٠١٣))

نشرت يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013، في جريدة الجريدة

‎كتب: طارق الربعي

رواية {في حضرة العنقاء والخل الوفي} (2013) للكاتب إسماعيل فهد إسماعيل، عبارة عن رسالة طويلة كتبها الراوي منسي بن أبيه إلى ابنته زينب، هي شهادة على زمن {شارك}، ولا نقول {عاش}، فيه منسي تحت مسمى بدون.

‎منسي بن أبيه بطل الرواية يروي حياته كأنها منفصلة عنه وكأنه لم يعشها، فقد قُرر له اسمه ومسكنه وزيجته وطلاقه واسم ابنته وحتى تصنيفه في هذه {التعليبة} القسرية المسماة البدون. فقد عاش كمن يُجرّ من ياقته دائماً الى ما لا يشتهي، ومن خلال سرد منسي لسيرته الشخصية، تحت هذا المسمى، تتكشف للقارئ تفاصيل قضية البدون التي هي محور هذه الرواية.
‎هذه بعض المحطات التي يقف عندها منسي، في المدرسة يكتشف أنه مختلف عن الطلبة الكويتيين وغير الكويتيين ويبدأ سؤال الهوية. منسي في المطار يُعطى جواز مادة 17 المؤقت ليسافر مع {فرقة المسرح العربي} ويصادر جوازه بعد عودته. منسي في المحكمة يتجلّى أمامه ازدراء قانوني واجتماعي في آن.  منسي وقد أوقفته نقطة تفتيش مرعوباً بلا أوراق ثبوتية. منسي وغزو الكويت، ثم إجباره على الاشتراك في الجيش الشعبي، فهَربه من الخدمة وانضمامه إلى المقاومة الكويتية، وأخيراً محاكمته في محاكم أمن الدولة بعد التحرير وسجنه.
 
منسي البدون

‎وربما لو لم تُسمَّ الشخصية في الرواية واكتفينا بكلمة {بدون} لما اختلفت القراءة كثيراً فيكون البديل مثلاً: مشكلة البدون والتعليم، البدون ورخص القيادة، البدون وحظر السفر، البدون والغزو، البدون والجيش الشعبي، البدون وسؤال الهوية، ولكن بأسلوب سردي قصصي. يبدو لي أن منسياً، كشخصية روائية، وسيلة أو مَعبَر للكشف عن قضايا البدون العامة بثقلها النفسي وهمومها اليومية الإجرائية.

‎ولعلي أختلف هنا في ما تفضلت به مقدمة الرواية سعدية مفرح التي كتبت: {في حضرة العنقاء والخل الوفي حاولت أن تتوغل في الصلب النفسي لهذه الفئة من الناس ، من خلال كائن واحد لا يمكن النظر إليه باعتباره النموذج ، بل باعتباره الحالة الخاصة. ربما للإشارة إلى أن كل فرد من أفراد هؤلاء الفئة، حالة خاصة في سياقها البشري وليست مجرد رقم في سياقها الفئوي العام}.

‎ولعل في ما كتبته سعدية مفرح دلالة على ما يشعر به كثر من ضيق تجاه تخفيض صورة البدون، ولو من باب {التعاطف أو أحياناً الشفقة النبيلة}! إلى ضحية نمطية متكررة من دون الالتفات إلى فرادة الحالة الخاصة الفاعلة.
‎فمنسي، بالفعل، حالة خاصة من جانب سيرته الشخصية وتتابع الأحداث في حياته، لكنه يبقى كشخصية غير حاضر، فكونه من البدون هو المعرّف الأساسي له، فهو البدون منسي، وليس منسي البدون، باستثناء مشاهد في الرواية يكاد يخرج منسي فيها من الإطار المتوقع ليظهر فردانيته.

‎يحدث هذا مثلاً أثناء الغزو العراقي حين يفكر منسي بترك كل شيء وراءه ليهاجر إلى أوروبا عبر العراق، تاركاً أمه وكل ما يعرف، لكنه يتراجع إلى النموذج السلبي (بمعنى غير الفاعل)، وبهذا تكون صورة منسي تكريساً للنموذج وليست تجاوزاً له.
‎ولكن منسياً ليس سلبياً بالمعنى المطلق، فإذا سألنا: أين تكمن الفاعلية في شخصية منسي؟ أي قدرة منسي على أن يكون فاعلاً، رغم ظروفه الخاصة جداً ، وليس مجرد مفعول به، فلن نجدها في تتابع أحداث الرواية وأثرها عليه، إنما فاعلية منسي حاضرة في فعل الكتابة، فرغم تحكّم ظروفه الخاصة به، كان يدّخر فعلاً واحداً كبيراً من خلال الكتابة لابنته زينب.

‎ليست زينب مجرد ابنته التي لم يرها ولم تعرفه، فهي رمز لوطن لا يعرفه ولذاكرة شعبية قد أسقطته، وزينب هذه لا تدري أي شيء ولن تدري، لولا شهادة المنسي، فلا بد من هذه الشهادة حتى يبقى المنسي بن أبيه في الذاكرة.

‎من الداخل والخارج

‎سيظهر لقارئ الرواية أن الكاتب اسماعيل فهد على اطلاع دقيق بقضية البدون وبوقعها اليومي على أفرادها، لكن يبقى طغيان هذا التصريح {بالحالة البدونية}، إن صح التعبير، علامة على أن {في حضرة العنقاء والخل الوفي} شهادة لا بد من أن تكتب من خارج مجتمع البدون لطرحها إشكاليات البدون بطريقة مباشرة، ولاستخدامها لـ{نحن البدونية} التي لم تُساءَل بالشكل المستحق.

‎رغم حذر الرواي في مطلع الرواية من قبول مسمّى {بدون} كاسم نهائي لأفراد الفئة كقول منسي: {في سياقنا يولد الطفل، يكبر وإن حاز وعيه ألمّ بالذي يدور، واجه أبويه، لماذا أنا} (صـ37)، فإن هذا المسمى، في أحيان أخرى، هو المعرّف الرئيس لمنسي، فنقرأ مثلاً: {هناك نوع متفرّد لشيخوخة تصيب البدون دون غيرهم} (ص 122)، أو {أن البدون عامة يبلغون سن الحلم مبكرين} (صـ109)، بالإضافة إلى الشرح المسهب لدهاليز قضية البدون القانونية، والمقاربات بين اضطهاد المرأة واضطهاد البدون، مثل: {ليس البدون وحدهم ضحايا ظلم وانكار وجود، المرأة بدون نوع ثان} (صـ74)، فهذه الوصفية لحالة البدون كحالة كلية جامعة تهدد فرادة شخصية منسي وترجعه إلى أسر النموذج.

‎سماء مقلوبة

‎لو أجرينا مقارنة سريعة مع رواية أخرى كتبت من داخل المشكلة كرواية ناصر الظفيري {سماء مقلوبة} (1995)، سنجد المسألة مغايرة كلياً. تدور أحداث {سماء مقلوبة} في عشيش الجهراء حيث يعيش سليمان عبدالله طفولة مضطربة، بين الفقر والجريمة ومن ثم الاغتراب في اختلاطه مع المحيط الطلابي في جامعة الكويت، فيقرر، في آخر الرواية، أن يهاجر تاركاً كل شيء وراءه على أنه هو ابن العشيش وابن التجربة الجمعية، على عكس منسي الذي كانت ظروف حرمانه من الجنسية خاصة،فسليمان عبدالله شخصية حاضرة بقوة ولها صوتها خارج الأطر النمطية لصورة البدون النموذج ، وأن القارئ ليقرأ الرواية من أولها إلى آخرها ولا يجد كلمة {بدون} مرة واحدة، وأن قارئاً عربياً لا يعرف شيئاً عن قضية البدون سيقرأ قصة سليمان عبدالله فحسب، ذلك الصبي الذي ولد من رحم الأسئلة الصعبة، وإن لم يصرح الظفيري بهذه التسمية القسرية {بدون} فإنه، بدلاَ من التصريح، يلجأ الى المقاربة.

‎مثلاً يصف الراوي سليمان عبدالله الظهيرة قائلاً: {الظهيرة ولا شيء في انتظارنا سوى فراغات، لا حدّ لها، وحيل لا تتغلب علينا، نضب الماء في عروق الأجساد وابيضت ألسنتنا، تشققت شفاهنا، تعثّر الكلام. الظهيرة، ولا شيء يغرينا بالتوقف، فآثرنا أن نستمرّ قاطعين كمائن الظهيرة إلى الظهيرة. نلتقي لا أحد سوانا. نحن الفريق الذي تكوّن بمحض الصدفة الباهتة وتعايش كنتيجة حتمية لأقدار سابقة، منساقاً أمام أقدار لاحقة} (صـ20)، فبدلاً من قبول التسمية على ما هي، فإن الكاتب يضعها محل تساؤل ورفض الفريق الذي تكوّن بمحض الصدفة الباهتة.

‎ومن يقرأ مقدمة رواية {سماء مقلوبة} لسعدية مفرح، أيضاً ، سيلحظ هذا التردد في التصريح بـ{نحن البدونية» وإبقاء مسافة ندية مع مصطلح {البدون}، تكتب سعدية مفرح:
‎{والبدون كما تسمى المشكلة، وكما يسمى أهلها في الكويت، مصطلح يدل على عدد كبير نسبياً من المواطنين الذين يعيشون بدون جنسية تثبت انتماءهم إلى وطنهم قانونياً،لأسباب ملتبسة عدة فاقم من وطأتها الثقيلة عليهم وعلى الكويت، مرور السنوات الطويلة عليها منذ صدور قانون الجنسية في بداية الستينات وحتى الآن بلا حل حقيقي}.

‎ولعل أي قارئ لأعمال أدباء آخرين من فئة البدون سيلحظ هذه المواربة في قبول التسمية، والبحث الدائم عن بدائل واستعارات متتالية لتسمية الذات، بدلاً من قبول التسمية المفروضة بفعل القوة من الآخر، وربما تفسر هذه الحاجة الملحة للاستعارة النشاط الشعري المميز لأدباء البدون، في المشهدين الثقافيين الكويتي والعربي.

‎يقول المفكر جاك رنسير: {نحن المعذبين في الأرض}، جملة لا يمكن أن ينطق بها أي معذب فعلي في الأرض، إنما لا بد من أن تكتب عنه. وهذا قد ينطبق على الكتابة عن البدون من الخارج وتقديمهم كبدون فحسب. في المقابل، {الكويتيون البدون} هذا المسمى الذي بدأ يستقر بين نشطاء البدون أو الكويتيين البدون، يؤكد تعقيد مسألة التسمية الذاتية، وإصرار البدون على خلق فضاء خاص للتسمية}.

‎المسكوت عنه

‎يميز الرواية وضع قضية البدون في إطارها العام، وهو المنسي أو المسكوت عنه في تاريخ الكويت الحديث عموماً. ولعل أبرز معالم ذلك المسكوت عنه الغزو العراقي والتحرير، وما جاورهما من أحداث تخصّ البدون والفلسطينيين.
‎ عندما عرض مسلسل في رمضان عن فترة الغزو العراقي تكشّف حجم المكبوت في الذاكرة الوطنية، عبر التفاعل غير المسبوق مع أحداث المسلسل في مواقع التواصل الاجتماعي.

‎يغربل الكاتب اسماعيل فهد هذا المكبوت، بشكل جاد، في عملية مكاشفة نفسية لمرحلة مفصلية في تاريخ الكويت الحديث، قلّ ما دار الحديث عنها. ثلاث قضايا تحديداً هي محاور ذلك المسكوت عنه: إجبار بعض البدون على الانضمام إلى الجيش الشعبي، اشتراك بعض البدون في المقاومة ضد المحتل، الدور الإيجابي للفلسطينيين المقيمين أثناء الغزو.

‎الرواية في نصفها الأول تذكّر القارئ بالحضور العربي في الكويت ما قبل الغزو، إذ تنظر إلى المجتمع في الكويت من دون الانكفاء عن المواطن الكويتي (هذه النظرة سادت بعد الغزو)، فالكاتب يلمح لنوستالجيا خاصة لمرحلة تعددية عروبية، يتفاعل فيها الكويتي والبدون والعربي. فهذا منسي يسكن وأمه في ملحق في النقرة، يجاوره الرسام ناجي العلي الذي يطلق على منسي لقب {حنظلة البدون}، و{فرقة المسرح العربي} التي يعمل فيها منسي تغادر إلى دمشق لعرض مسرحية لسعدالله ونوس، في لفتة إلى هذا التفاعل العربي، وينعكس هذا التفاعل على مقروئية الرواية، فالرواية لا تنكفئ عن القارئ في الكويت، رغم خصوصيتها، فهي موجهة إلى القارئ العربي، وربما هذا ما يميز جيل الكاتب اسماعيل فهد، تجربته وانتماءه غير المتكلف إلى أفق عربي، إن صح التعبير.

‎أما في النصف الثاني فيختل التوازن الاجتماعي مع أحداث الغزو العراقي، وتبدأ عهود، زوجة منسي الكويتية، بالتشكيك المطلق بولاء زوجها البدون، ويبدأ الآخر يأخذ شكلاً قطعياً على شكل كل ما هو غير كويتي. هذا التحول سيجعل القارئ داخل الكويت يتفاعل في النصف الثاني من الرواية، بشكل أكبر، مع المواضيع المحظورة في الذاكرة الجمعية. وموضوع النصف الثاني من الرواية مهمّ، لما فيه من دعوة إلى مراجعة ما آلت اليه الهوية الوطنية الكويتية من التقوقع والانكفاء على 
محيطها المباشر.

خاتمة

‎الرواية، إجمالاً، مهمة جداً، لما تطرح من موضوعات شائكة ومهملة، إلا أن التعامل مع موضوع البدون، تحديداً، ما زال في طور ما أسميه {استنطاق البدون}، فمع بروز قضية البدون، على الأصعدة كافة، في الكويت، أخيراً، بسبب تحرك وفاعلية البدون أنفسهم على المستوى السياسي، يبقى لنا أن نسأل: هل ما زالت مجدية مسألة استنطاق البدون؟ لا بد من تعاطٍ مدرك لهذه الفاعلية، يتجاوز الاستنطاق إلى ما يشبه الإنصات إلى ما يقدمه البدون على الأصعدة كافة لا سيما الثقافية.

Tuesday, July 2, 2013

Refugee Blues by WH Auden

Refugee Blues a poem by WH Auden:

Say this city has ten million souls,
Some are living in mansions, some are living in holes:
Yet there's no place for us, my dear, yet there's no place for us.

Once we had a country and we thought it fair,
Look in the atlas and you'll find it there:
We cannot go there now, my dear, we cannot go there now.

In the village churchyard there grows an old yew,
Every spring it blossoms anew:
Old passports can't do that, my dear, old passports can't do that.

The consul banged the table and said,
"If you've got no passport you're officially dead":
But we are still alive, my dear, but we are still alive.

Went to a committee; they offered me a chair;
Asked me politely to return next year:
But where shall we go to-day, my dear, but where shall we go to-day?

Came to a public meeting; the speaker got up and said;
"If we let them in, they will steal our daily bread":
He was talking of you and me, my dear, he was talking of you and me.

Thought I heard the thunder rumbling in the sky;
It was Hitler over Europe, saying, "They must die":
O we were in his mind, my dear, O we were in his mind.

Saw a poodle in a jacket fastened with a pin,
Saw a door opened and a cat let in:
But they weren't German Jews, my dear, but they weren't German Jews.

Went down the harbour and stood upon the quay,
Saw the fish swimming as if they were free:
Only ten feet away, my dear, only ten feet away.

Walked through a wood, saw the birds in the trees;
They had no politicians and sang at their ease:
They weren't the human race, my dear, they weren't the human race.

Dreamed I saw a building with a thousand floors,
A thousand windows and a thousand doors:
Not one of them was ours, my dear, not one of them was ours.

Stood on a great plain in the falling snow;
Ten thousand soldiers marched to and fro:
Looking for you and me, my dear, looking for you and me.

Thursday, April 11, 2013

رسالة السكاكيني الى ابنه

خليل السكاكيني يرد برسالة على ابنه سري الطالب في أمريكا
من كتاب (كذا أنا يا دنيا) لخليل السكاكيني ١٩٥٥ (نشر بعد وفاته)ـ

يسألوني ماذا يتعلم سري؟
فأقول: لا يتعلم شيئاً ولكنه يعيش كما يشاء ويشاء له الهوى
يسألونني: ماذا يعمل اذا رجع؟
فأقول: قد لا يعمل شيئا
يقولون: وما اختصاصه؟
فأقول: يلعب التنس ويسبح ويصارع ويأخذ دروساً عالية في الموسيقى
يقولون: لماذا لا ترسله الى بلاد الانكليز فإن الشهادة يحملها من بلاد الانكليز أدعى لرواجه في هذه البلاد.
فأقول: وهل تظنون انه يتعلم ليروج عند الانكليز؟
يقولون: الى أي شيء يميل؟
فأقول: الى الأدب العالمي
فيقولون: وما قيمة الأدب؟
فأقول: نحن نحب ذلك.

أشكر الله ألف مرة يا سرى أنك تتعلم لتفهم الانسان والمجتمع فهماً أوسع وأصح مما اعتاد الناس أن يفهموا. لا أستطيع الآن أن أعلق على كل ما جاء في رسالتك الطويلة الجميلة، وكل تعليقاتك تشف عن بصيرة نيرة وأدب عال وأسلوب لبق رشيق، ولو أردت أن أعلق على ما علقت عليه لما عدوت كلماتك، فأنت أنا وأنا أنت، وحسبنا ذلك فخراً ورزقنا على الله.

عش ما بدا لك يا سري حراً طليقاً وارفع رأسك عالياً وانعم ولذ ولا تبال.


Monday, April 8, 2013

Notes from the undeground


"لم أستطع أن أصبح أي شيء، لم أستطع أن أصبح حتى شريراً. لا خبيثاً ولا طيباً، لا دنيئاً ولا شريفاً لا بطلاً ولا حشرة. وأنا اليوم في هذا الركن الصغير، أختم حياتي، محاولاً أن أواسي نفسي بعزاء لا طائل فيه، قائلاً ان الرجل الذكي لا يفلح قط في أن يصبح شيئاً، وأن الغبي وحده يصل الى ذلك. نعم، وا أسفاه! ان انسان القرن التاسع عشر يجب أن لا تكون له عزيمة، ان انسان القرن التاسع العشر مكره على أن لا يكون له طبع قوي. أما الانسان الذي له شيء من ذلك، أما الانسان الفعّال، فهو في جوهره محدود لا قيمة له." 

 ـ ـ ـ 

ذلك أنه لا بد للمرء حتى يستطيع أن يعمل وينشط، لا بد له من أن يصل أولاً الى طمأنينة تامة، وأن لا يحتفظ بأي شك. ولكن أنّى لي أن أصل الى طمأنينة الفكر هذه؟ أين عساني أجد المبادئ الأساسية التي أستطيع أن أبني عليها؟ أين هي قاعدتي؟ أين أستطيع أن أنشدها ومن أين آتي بها؟


ـ ـ ـ

آه يا سادتي! لعلني لا أعد نفسي على جانب عظيم من الذكاء الخارق الا لأنني طوال حياتي لم أستطع أن أبدأ شيئاً ولا أنهي شيئاً. فما أنا اذن الا ثرثار لا يؤذي، انسان ثقيل مكدر، مثلنا جميعاً. ولكن ما حيلتي أيها السادة اذا كان القدر الوحيد الذي كتب على كل انسان ذكي هو أن يثرثر، أي أن يصب ماء في غربال !




-مقتطفات من نص (في قبوي) لدوستويفسكي 
ترجمة سامي الدروبي. 

Thursday, April 4, 2013

احتفاءات واكتفاءات



أتذكر ولعي واحتفائي عام ٢٠٠٨ برواية رأس النافورة للكاتبة الأميركية -من أصل روسي- آين راند. وهي رواية تقع في ٨٠٠ صفحة، أولعت بها حينها لأنها كانت تشبهني، تحكي عما يدور في دواخلي من فكرة فردانية الإنسان المكتفي بموهبته وقيمته الذاتية ورفضه الدائم لأن يصبح عادياً ومكرراً.  أتذكر أيضاً كيف أن الـ٨٠٠ صفحة كانت غير محكمة الكتابة متوزعة بين أساليب الكتابة الروائية والكتابة الفلسفية والكتابة الوعظية.  ولكن كل ذلك لم يمنعني من الاعجاب والانبهار التام بالرواية وبالكاتبة معاً.  بعد اتمام الرواية وجدت مجموعتها الكاملة في احدى المكتبات واقتنيتها كلها!

أتساءل الآن: بماذا كنت أحتفي؟ بها؟ أم بجهلي بالرواية كجنس أدبي؟
لقلة خبرتي مع الرواية حينها، ربما تساهلت مع نبرة الكاتبة الوعظية الحاسمة التي تلقم القارئ "الحقيقة"، الخير المحض بيّن والشر المحض كذلك، ولعل هذا الحسم يفقد الرواية أهم خواصها ألا وهي تعدد الأصوات ووجهات النظر، أي أن الرواية هي المجال الحيوي لتصارع "الحقيقة".

وبعيداً عن الرواية، فما يزيد من شعوري بالخجل من احتفائي  بتلك الكاتبة، هو ما قرأته في كتبها الأخرى. أتذكر أني قرأت لها في كتاب آخر بعنوان (أسئلة وأجوبة) عن أحقية وجود دولة اسرائيل، وذلك بسبب تحضر الاسرائيليين وتفوقهم التاريخي والحضاري (وربما البيولوجي) على برابرة لا يستحقون أرضاً ليعيشوا فوقها، فالدفاع عن اسرائيل وحقها في البقاء ليس إلا انتصاراً للانسان الفرد المتحضر الحر! (أحاول أن أؤمن بنظرية فصل الكاتب عما يكتب، لكني أفشل دائماً)

وفي موقع آخر بالكتاب تتحدث الكاتبة عن مفهوم الخير والشر في الأدب فتقول بما معناه: ان ما كتبه ميغيل دي سرفانتس (دون كيخوته) عمل شر محض! لأنه يتهكم بـالأنا البشرية (الايغو) القادرة على فعل كل شيء برأيها، وعلى الوجه الآخر مسرحية سيرانو دي برجراك لإدموند روستاند التي تعتبرها خير محض، لأن بطلها سيرانو لا ينكسر وينتصر للأنا أيما انتصار، وبذلك تتحول عملية النقد الأدبي عندها أيضاً الى سلسلة من القواسم والحواسم على شكل "الفرمانات" العسكرية.


‫***‬

مثال آخر هو ما حصل لي مع أدونيس في كتاب الثابت والمتحول، عنوان مخيف وأربعة أجزاء من التحليل للتراث العربي (الشعر-الشرع-الفلسفة-علم الكلام-الحركات السياسية) واحتفاء لا يحد مني بهذه العبقرية! والاحتفاء لا يأتي جزئياً، بل بالجملة، فالكتاب والكاتب وكل ما يقول تماماً كما هو الحال مع آين راند. ولعل هذا النوع من الاحتفاء راجع الى تطرف القارئ المبتدئ.

بعد سنوات من اتمام قراءة الكتاب سنحت لي فرصة لحضور أمسيتين لأدونيس في لندن عام ٢٠١٢، أمسية شعرية وأخرى ندوة عن الصوفية والسريالية، كانت مناسبة لي لتقييم موقعي الآن بعد أربع سنوات من اتمام قراءة الثابت والمتحول، بعد أن حضرت الأمسيتين كتبت انطباعاتي يومها:

أول نشاط كان أمسية شعرية لأدونيس...
‎دخل، أو الوصف الأنسب هو "حضر" أدونيس الى القاعة الرئيسية دون أن يبتسم. وبدأ بإلقاء قصيدته مباشرة بنبرة النبيين، أولئك المصطفين من رب الحداثة ذاته، قرأ ثلاث قصائد، قصيدتان طويلتان وأخرى قصيرة جداً.  قصيدة واحدة استمرت لخمسة عشرة دقيقة متواصلة، خمسة عشر دقيقة من محاولة اللحاق به دون جدوى.  تحولت القاعة فجأة الى سجن، والإلقاء المسترسل الى ضرب من ضروب القمع.  أتذكر أنه كان قد حمل سنبلة الوقت بيديه كثيراً وكان رأسه برج نار أيضاً. ولم أكترث لأن رأسي لم يعد يحتمل.

الندوة الأخرى حملت عنوان جاذباً جداً: (التصوف الاسلامي والشعر). أقنعت نفسي بالحضور للاستماع مرة أخرى رغم تجربتي الأولى مع الأمسية، قلت: أنا أحب أدونيس المنظّر ولا أحب الشاعر أدونيس، ولأني قد قرأت (الثابت والمتحول) و(الصوفية والسوريالية) وكتب أخرى له أردت أن أتفاعل مع "جديده" في لندن 2012. ولكنه للأسف لخص الثابت والمتحول ولخص الصوفية والسريالية كما وردا في النصين الأصلين.

وددت لو أني كنت حينها أقلب قنوات التلفاز واستمع اليه في مقابلة مع أحد المذيعين البلهاء بدلاً من الجلوس في كرسي في قاعة محترمة دون جهاز الريموت.  للجلوس والاستماع مقام مختلف، غالباً الجلوس والاستماع في لندن لمن يستحق.  ما أقصده أن حديثه كان ذا طابع تلفزيوني، كان يبحث عن المانشيت، المقولة الرنانة. يصفصف الكلام متجاوزاً معناه الحقيقي. تغلب الشاعر المحتفل بذاته وبثباته على العارف القابل للتحول، وقد بدا احتفاله الأول بالمتحول كأنه تأصيلاً لثابته.

يقول مثلاً "الشرع والشعر لا يجتمعان." بتفسيره التبسيطي عن مفهوم العام والخاص ولكن يعجبه هذا اللعب، أو مثلاً مقولة أخرى وقد سبقها بالتنبيه الآتي: "اعلم أن هذا الكلام لن يعجب الكثيرين" (وهذا حتى نستعد نفسياً نحن الجالسين المتخلفين) ، فيقول: "الوحدانية بداية الانحطاط الانساني".  مدد يا نبينا. هكذا وبكل بساطة.  حسمها لأن الوحدانية بمنهجه المطمئن تنعكس على جميع نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والخ..

يقول أيضاً  "الاسلام لا يعطي المرأة حقوقها"، ثم يلتفت ويقول
بركاكة منهجية مبتسماً وبنبرة المطمئن الى نتائجه: "ولكن اسمعوا ما يقوله المتصوف عن المرأة.. المكان الذي لا يؤنّث لا يعول عليه -وسط شهقات الجمهور-." لو أن ما يقوله في قصيدة لاستوعبته، ولكن هذا الطرح التبسيطي في مقام الجلوس؟  والله لو أني أكتب هذا الكلام في بحث في مرحلة البكالريوس لأرجع الدكتور البحث لي وأمهلني فرصة أخيرة.

انها آفة الإيهام. الإيهام بالنتائج الكلية المسلوقة وبالشَعَر الكث ورخامة الصوت، وعالمية الحضور. كان الايهام واضحاً ليلتها.

أعلم أنني قد بالغت فيما كتبت ولكن لا بأس، أظنها انطباعات تتحمل ذلك.
-انتهى-

كانت هذه المسافة بين احتفائي بقراءتي الأولى لأدونيس والعودة اليه مجدداً شاهدةً على تحولاتي  كقارئ، وهذا التحول ليس من نكران الجميل لما قرأت واستفدت يوماً ما، إنما هو نكران لحالة احتفائي أنا حينها. كنت أحتفي بجهلي التام بالتراث والشعر العربي وأبسط قواعد الربط المنطقي. 


*** 

 أكثر ما يرعبني هو أن تستقر ذائقتي على شيء ما، فأردد في الخمسين ما حفظته في العشرين، وأكون من أولئك المحتفين بالاكتفاء.   

Friday, March 22, 2013

Things Fall Apart


"If I hold her hand

She says 'Don't touch!'

If I hold her foot
She says 'Don't touch!'

But when I hold her waist-beads
She pretends not to know."


Village song in Chinua Achebe's Things Fall Apart.



http://blog.timesunion.com/books/files/2008/04/thingsfallapartcover.jpg

***********************


"Uzowulu's body, do you know me?"

"How can I know you, father? You are beyond our knowledge," Uzowulu replied.

"I am Evil Forest. I kill a man on the day that his life is sweetest to him."

Ch.11 Things Fall Apart. Villagers counseling their god "Evil Forest".
Chinua Achebe R.I.P

Monday, February 4, 2013

عمه فعينك يا نوخذا


سأنقل في هذه التدوينة بعض من التراث النسوي الخاص بأهل البحر في البحرين من كتاب صناعة الغوص لعبدالله خليفة الشملان.





يذكر الشملان فن المراداة وهو فن من الفنون النسوية في الخليج، وهو عبارة عن رقصة شعبية تقوم النساء بها ارتقاباً لوصول البحارة بعد نهاية موسم الغوص أو في الأعياد. وهو أيضاً نوع من التحايل على الانتظار الذي يمتد لأربعة أشهر، فالنساء يتخيلن ما يقوم به الغاصة على المركب، ويتخيلن بأنهن معهم على المركب، ويخططن لاستقبال الغاصة عند وصولهم، ويناشدن النوخذا بالرفق برجالهن.




ومما تنشده النساء: 

يرحني لفطام -- ياخوي واخشمي -- يرحني لفطام
بحور الظلام--  والحير ودتني  -- بحور الظلام


تشتكي من شدة ضغط الفطام (المشبك) على الأنف.
وتشتكي من ثقل الحير (هو الثقل الذي يسرع بالغواص الى الأعماق).  تتقمص النساء دور الغواص (زوجها، ابنها، أخوها، الخ) المتعب وتنشد بلسانه.




ليت من جل وياه -- جل الغضى -- يا ليت من جل وياه
باسمع حكاياه -- باقعد على الفنه -- وباسمع حكاياه
باغوص وياه -- لي غوصوه الهير -- باغوص وياه
باير (أجر) وياه -- في يرة الميداف -- باير وياه


تتمنى المرأة مساعدة الغواص، وتتخيل أنها معه فوق المركب تسمع وتغوص وتجر.

يدفوها (جدفوها) على السيف -- ام الحنايا -- يدفوها على السيف
تير المياديف -- كلها صبيان -- تير المياديف

 
أم الحنايا (اسم مركب في البحرين).  تتخيل النساء عودة الغاصة من رحلتهم.


لا تصلب عليهم -- يا نوخذاهم  -- لا تصلب عليهم
غصب عليهم --  ترى البحر بارد -- غصب عليهم
قطع ايديهم  -- ترى احبال الغوص -- قطع ايديهم



وعن حالة الانتظار والصبر ينشدن:

طي الحصيري --  يا ذا الشهر بأطويك -- طي الحصيري
وييني (يجيني) عشيري -- شهرين والثالث -- وييني عشيري
طي القريطيس -- يا ذا الشهر بأطويك -- طي القريطيس
ويون الغواويص -- شهرين والثالث -- ‬ويون الغواويص



الرازجي من لجليعة -- يانا هبوب --الرازجي من لجليعة
مادرت كم بيعه -- ان العفيفة -- ما درت كم بيعه
الرازجي بنت شيطان  -- اللي تحط -- الرازجي بنت شيطان


الرازجي نوع من ورد الفل تتزين به النساء ،ولا تتزين المرأة في غياب زوجها.  والنساء يتخيلن الغاصة وهم يتكلمون عن عفة نسائهم.

عندما يمر العيد والغاصة في البحر يقلن:

عيدوا به على الهير  عيد الضحايا عيدوا به على الهير
تيس ولد تيس، اللي عيد بهم تيس ولد تيس
(أي النوخذا)


عن "لعبة النساء والبحر" كما يسميها عبدالله الشملان. 

يجتمعن على ساحل البحر، ويقمن باحراق الحطب والقفز والالتفاف حول النار. يحرقن سعف النخل و"يجوون" به البحر.

توب توب يا بحر  شهرين والثالث دخل
توب توب يا بحر ما تخاف من الله يا بحر
يا بحرنا يا الييد هات سنبوك السيد
يا بحرنا يا الجديد هات سنبوك البديد


 
يا الله بريح زلزلات تلوثهم على الحالات
لا أنير (أنجر) ولا آلات
 
‫*‬أنير (أنجر) المرساة: أصلها لنكر من الفارسي

يبهم يبهم خاطفين بجيبهم. (ينطلقون مبحرين بشراع صغير)

ما تخاف الله نوخذا الحبل قصص ايديهم نوخذا
ما تخاف الله نوخذا ستين روبية نوخذا
ما تخاف الله نوخذا قلة ويونية نوخذا
ما تخاف الله نوخذا عمى فعينك نوخذا


وينشدن أيضاً
حطينا الحنا وبار  نشكيك عند الجبار.

*الرسومات بريشة الفنان مصطفى الرزاز



Tuesday, January 8, 2013

Montaigne

If you press me to say why i loved him, I feel that it cannot be expressed, except by replying because it was him and because it was me.

-Michel De Montaigne speaking of his dear deceased friend.
From Essay 28: On Friendship
Cited from Alberto Manguel's "The City of Words."

Saturday, January 5, 2013

"Ah, my dear fellow, you can't fool us that way- you can't fool us.  It is the easiest thing in the world for a man to look as if he had a great secret in him."

-Moby-Dick, by Melville.

Wednesday, January 2, 2013


التقيت قبل فترة وجيزة بإحدى الزميلات في الجامعة من غزة-فلسطين، تحدثنا بعجالة عن الأدب العربي وأخذنا النقاش الى رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي. من جانبي، لم تعجبني الرواية أبداً، الرواية جذابة في بدايتها لكنها في معظمها تصر على نوع معين من عروبة لا أرتاح اليه. ليس من السهل شرح ذلك الآن. قد تشد القارئ في البدايات لكنها مثل بعض الأشخاص أو القطع الموسيقية أو المناظر الطبيعية تبهرك في البداية لكنها لا تترك فيك أي أثر مستدام.ـ

كنت قد قرأتها (لم أكملها حتى النهاية) كجزء من مقرر مادة الأدب العربي الحديث في الجامعة، ولعل كون الرواية أول رواية لامرأة جزائرية تكتب باللغة العربية أعطت الرواية قيمة عالية في الوسط الأكاديمي.  روايات وقصص عادية أخرى مثل قنديل أم هشام ليحيى حقي، وزينب لهيكل، وأولاد حارتنا لمحفوظ أيضاً تدرس ضمن مناهج مادة الأدب العربي الحديث في الأكاديمية الغربية.  وهي برأيي تقرأ لأغراض أكاديمية بحتة كتحليل التاريخ الاجتماعي والسياسي الخ..ـ 

لكني لم أقل كل ما عندي لزميلتي، لأنها سرعان ما بدأت بشرح ولعها برواية ذاكرة الجسد، تذكرها هذه الرواية بحصار غزة عام ٢٠٠٦، لأنها كانت
حينها متبرعة  لاطعام الناس في الملاجئ، وفي استراحتها من ويلة الحصار والموت كانت تستلقي وتقرأ ذاكرة الجسد مع انقطاع الكهرباء المتواصل، فالكتاب مرتبط بتلك اللحظة الخاصة التي عاشتها.  بعدها احتفظت برأيي النقدي تجاه الرواية، واكتفيت بالاستماع الى روايتها هي والكتاب والحصار، وكانت هذه العلاقة رواية أخرى بطلتها هذه القارئة. ولو أني تبجحت وانتقدت الرواية حينها لكنت أفسدت كل شيء حتما.ـ. 

أتذكر أيضاً علاقة والدي -رحمه الله- برواية (موسم الهجرة الى الشمال) للطيب صالح. كان يردد الأسطر الأولى فيها (عدت الى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة) كمن يردد قصيدة.  قرأتها لأول مرة عام ٢٠٠٢ في ستاربكس-الجامعة في بلومنغتون انديانا، واتصلت به حينها وقلت له: الرواية جيدة، لكني لم أبهر بها.  فكان رده بما معناه : هذه الرواية قرأتها وأنا في السجن وكانت الشيء الوحيد الذي أملك حينها.ـ
 
أغلقت الهاتف ثم التفت حولي وخجلت من مدى سخف رأيي هذا، بل سخف هذا التمحور حول الذات وافتراض بأن رأيي النقدي مهم أساساً. قلت حينها رأيي دون أن أعي أن القراءة والنقد لا يتمان في فراغ. بل القراءة حالة ملتبسة غير محايدة ولا موضوعية، بين لحظة القارئ ولحظة الكاتب. وكما أن لكل كاتب لحظة كتابة خاصة،  فللقارئ أيضاً لحظة القراءة الخاصة، الظرف الذي تمت القراءة فيه، المكان، الحالة الوجدانية والنفسية، الاضاءة، خاصية الطبعة، الأوراق، المزاج، كل الباقة المرافقة للقراءة. هناك علاقات تفرضها الحياة بين عوالم الكتاب وعوالم قارئه، هي فوق كل الاعتبارات والآراء التي تتشكل في مقاعد ستاربكس الوثيرة.ـ
 
 وكذا تقاس الأشياء، فخفف الوطء.ـ